الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيد المجاهدين الثابتين على الصراط المستقيم، وبعد…
حفظ السيادة الجغرافية للأمة الإسلامية
نظر رسولنا الكريم محمد ﷺ نظرة لمستقبل الأمة فأمر صحابته الكرام بالبقاء في بلاد الشام وبيت المقدس، وذلك عندما سأله الصحابة الكرام فعن ذي الأصابع، قال: قلنا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنِ ابْتُلِينَا بِالْبَقَاءِ بَعْدَكَ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُكَ ذُرِّيَّةً يَغْدُونَ وَيَرُوحُونَ إِلَيْهِ» مسند الإمام أحمد.
ففي أمره ﷺ دلالة أمر عظيم، تجلى ذلك ببسط السيادة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وشتى مناحي الحياة، التي هي سيادة طبيعية لأمة تحمل ثقافة وفكراً إسلاميين.
بلاد الشام قبلة العرب والمسلمين ومنبع البركة، قبل الإسلام وبعد بعثته ﷺ وإلى يومنا هذا، وهي تطرد الخبث؛ فلم يعمر فيها خبث ولم تدم فيها دولة ظلم.
وقد امتثلت الأمة لأمره ﷺ وتسابقت في السكنى في بيت المقدس، فمن خلافة الفاروق الفاتح الأول، ثم حكم الأمويين واهتمامهم بالعمارة وتنظيم شؤون الناس وتسيير سبل العيش، وبعدها كانت محط أنظار العباسيين، ثم استعاد الأيوبيون الصدارة بفتحها والاهتمام بالأمن والعمران للمدينة المقدسة، فمن يحكم القدس يحكم الأمة، وختاماً عهد العثمانيين حيث كان لهم الحظ الأوفر من العناية بإعادة التعمير وإنشاء المراكز والمنشآت الدينية والاقتصادية وإنشاء النافع والمفيد للأمة فيها. وعلى مر التاريخ كانت المدينة المقدسة محط أنظار المسلمين من مرابطين وعلماء وطلبة العلم.
رسالة إلى أمة الإسلام:
احتلت القدس من الاستعمار إلى الاحتلال ولم تسقط، لكن السقوط سقوط المرابطين فيها، بأن تفقد القدس العمود الفقري لها، بأن تفقد شعبها وسندها.ذروة سنام القدس، الأمة الحية فيها، حذاري يا أمة الإسلام أن يسقط المقدسيون في هذه النكبة، نكبة القدس بالتغيير الديمغرافي بتفريغها من أهلها، بتهويد الإنسان فيها والله سبحانه ببركة المكان هو خير الماكرين.
رسالة للمقدسيين
أنتم خط الدفاع الأول عن القدس، حافظوا على بيوتكم وأماكن عيشكم، لا يوجد إمكانية لبناء الجديد فحافظوا على الموجود، فمن يملك شبرا في هذه المدينة فلا يتركه ولا يبعه ولا ينقل ملكيته لأحد، ولا تسمحوا للمحتل بالاستلاء على بيوتكم ودوركم، ولا تسمحوا للإشاعات بالانتشار بينكم، فالأرض لله وأنتم صفوة الله، هو اختاركم للسكن فيها.
إن الكفاح والصبر للعيش في القدس ومحيط المسجد الأقصى المبارك وأن تكون من الأمة الصامدة فيه لهو خير عظيم وإن كان على حساب التخلي عن رغد العيش وتحمل قسوة الظروف، فأنتم صفوة الله من عباده، أنتم سيف الله ونقمته على الظالمين، والاصطفاء من بين العباد له ضريبة وثمن، نسأل الله أن لا يحرمنا هذا الأجر، وأن يرينا نصره وعزه، يقول سبحانه: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ» سورة البقرة 214.
«وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا»
تصنيفات : قضايا و مقالات