استثمار الوقت ضرورة مهمة
د. انتصار عووادة
يعيش الإنسان عددا من السنوات تمثل عمره، وهو مؤتمن على هذه السنوات إذ يحاسب عليها يوم القيامة عند عبور الصراط المستقيم؛ كما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟) صحيح، رواه الترمذي والدارمي.
ويعد الاهتمام بالوقت أحد مكونات الثقافة للشعوب عامة وللشعوب الإسلامية خاصة، إذ يتربى الطفل على الالتزام بالصلاة في أوقات محددة وتترتب مهمات حياتية كثيرة وفق مواعيد الصلاة، فمثلا يحدد الوالدان ساعة للنوم حتى يأخذ الجسد نصيبه من الراحة ليستيقظ لصلاة الفجر، فالمسلم الذي يربي أبناءه على التدين من صغرهم يعلمهم ضبط الوقت لأجل الصلاة وإنجاز أعمالهم، كما أن الشعوب الأكثر إنتاجية وأكثر نجاحا يجيدون إدارة أوقاتهم وكذلك الأشخاص المتميزون والمبدعون.
وإدارة الوقت تعني أنهم يستثمرون أوقاتهم جيدا في إنجاز الأعمال المهمة، وفي الاستمتاع بنشاطاتهم الحرّة، ويروِّحون عن أنفسهم، وهي مهارة ترتبط بمقدرة الشخص على إدارة ذاته والتحكم بها، ويبدأ استثمار الوقت عبر ثلاث مراحل، هي:
أولا: مرحلة التخطيط: وفي هذه المرحلة يبدأ الشخص بتحديد الأهداف التي ينوي تحقيقها في يومه، ثم إعداد قائمة بالأعمال المطلوبة، وأوقات الراحة وتناول الطعام والنوم، وتتم جدولتها بأوقات زمنية محددة مع المحافظة على المرونة في ترتيبها وأوقاتها بحيث تتكيف مع الأمور الطارئة، ومن الضروري تصنيف المهام وفق أهميتها، ثم ترتيبها وفق الأولوية على النحو:
- أمور مهمة وعاجلة؛ مثل إنجاز واجب دراسي في موعده، أو إنجاز تقرير عمل للمدير في موعده.
- أمور مهمة وغير عاجلة؛ مثل الدراسة قبل الامتحان بوقت طويل، أو إنجاز أعمال قبل أن يحين وقت تسليمها.
- أمور غير مهمة وعاجلة، مثل الرد على المكالمات، وإشعارات مواقع التواصل الاجتماعي.
- أمور غير مهمة وغير عاجلة، وهي تمثل الأعمال الروتينية اليومية التي يمكن تركها لشخص آخر يقوم بها، مثل الذهاب للبقالة، أو الانشغال في بعض تفاصيل العمل الذي يقوم به غيرنا.
ثانيا: مرحلة التنفيذ: تبدأ بعدم التسويف، ويتم تنفيذ الأعمال اليومية وفق الخطة التي تم إعدادها، مع مراعاة البدء بأداء المهام المهمة والعاجلة، مع الحرص أيضا على الابتداء بالمهام الصعبة والأعمال غير المحببة لاستثمار ساعات الذروة والنشاط.
ثالثا: تقييم استثمار الوقت؛ وفي هذه المرحلة يجيب عن بعض الأسئلة: هل تم إنجاز قائمة المهام؟ وهل تم إنجاز المهام بالأوقات المحددة؟ وهل استطاع تحديد أولوياته بصورة صحيحة؟ وكم أمضى من وقته بلا فائدة؟ وهنا يتم الانتباه لمضيعات الوقت: وهي أنشطة تستنزف الأوقات فيما لا يسمح بتنفيذ الخطة المسبقة، ومن الأمثلة عليها: عقد اجتماعات غير فعالة أثناء العمل، أو الانشغال مع زملاء العمل أو الدراسة في الحديث في مواضيع لا تفيد في إنجاز قائمة المهام المعدّة، والمقاطعات من مدير العمل بطلب عمل جديد ليس موجودا ضمن القائمة، أو زائر يأتي بلا موعد، أو الانتظار بسبب أزمة المرور، أو الانتظار في عيادة الطبيب.
تصنيفات : قضايا و مقالات