فتاوى رمضانية، أ.د جمال الكيلاني
أبريل 3, 2022
للمشاركة :

بسم الله الرحمن الرحيم

(حكم من فاته قضاء أيام من رمضان)

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين وبعد:

فإن صيام رمضان فريضة، قال تعالى:﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾(البقرة:184)، ومن أفطر يوماً أو أكثر منه لعذر أو لغير عذر، عليه القضاء متفرقاً أو متتابعاً، ولا يجب التتابع باتفاق الفقهاء، لقوله تعالى:﴿ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾(البقرة:184). ولحديث أبي سلمة قال: سمعت عائشة – رضي الله عنها – تقول:” كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان “(البخاري: صحيح البخاري، حديث 1950). قال ابن حجر في الفتح:” وفي الحديث دلالة على جواز تأخير قضاء رمضان مطلقاً سواء كان لعذر أو لغير عذر”.(ابن حجر: فتح الباري، 4/191). فيجوز قضاء الصوم على التراخي في أي وقت من السنة، وإن كان الأفضل والأولى المسارعة إلى القضاء، لقوله تعالى:﴿ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾(لمؤمنون:61).

وأما إذا فات قضاء أيام من رمضان ودخل رمضان آخر، فقد اختلف الفقهاء فيما يلزمه على قولين:

القول الأول: يلزم القضاء مع الفدية، وذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، (الدردير: الشرح الكبير، 1/537/ الشيرازي: المهذب، 6/363/ البهوتي: كشاف القناع، 2/333).

 واستدلوا: بما أفتى به جماعة من الصحابة – رضي الله عنهم – ومن ذلك: أنا أبا هريرة – رضي الله عنه- قال في رجل مرض في رمضان، ثم صح فلم يصم حتى أدركه رمضان آخر:” يصوم الذي أدركه ويطعم عن الأول لكل يوم مدًّا من حنطة لكل مسكين، فإذا فرغ من هذا صام الذي فرط فيه” (الدارقطني: السنن، 2/422). وورد أن ابن عمر وابن عباس – رضي الله عنهم – قالا:” أطعم عن كل يوم مسكيناً “(ابن قدامة: المغني، 3/40).

القول الثاني: يلزم القضاء فقط دون الفدية، وذهب إليه الحنفية، والظاهرية، وابن عثيمين.( الكاساني: بدائع الصنائع، 6/2893/ ابن حزم: المحلى، 4/321/ ابن عثيمين: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين، 91/385).

واستدلوا: بعموم قوله تعالى:﴿ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾(البقرة:184)، وعمومه يشمل ما قضاه قبل رمضان الثاني أو بعده، ولم يذكر الله تعالى الإطعام، فلا يجب إلا القضاء فقط. قال ابن عثيمين:” إذا ترك الإنسان قضاء رمضان إلى رمضان الثاني بلا عذرٍ فهو آثمٌ، وعليه أن يقضي ما فاته ولا إطعام عليه على القول الصحيح”. (ابن عثيمين: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين، 91/385).

الراجح: ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، لقوة أدلتهم، وعليه: فمن فاته القضاء إلى ما بعد رمضان آخر لغير عذر، عليه التوبة إلى الله وقضاء ما عليه دون فديه. وأما إذا كان الفوات بسب عذر شرعي أو جهل بحكم التأخير أو نسيان، فيقضي ولا إثم عليه.

                                    والله تعالى أعلى وأعلم               أ.د. جمال أحمد زيد الكيلاني

                               عميد كلية الشريعة – جامعة النجاح الوطنية

تصنيفات :