أسرلة التعليم في القدس
د. جمال عمرو
يعد التعليم في القدس أحد ضحايا الاحتلال، مثله مثل الخدمات العامة والبنى التحتية، فجميعها تتعرض لبشاعة التنكيل الاحتلالي، وسنقف على أركان العملية التعليمية في القدس، ونرى دور الاحتلال ووسائله لأسرلة التعليم في المدينة المقدسة.
يحرص الاحتلال على حرمان المقدسيين من تراخيص لبناء المدارس وتوسعتها، فالتعليم في قبضه الاحتلال وخاصه بعد إعلان القدس عاصمة للشعب اليهودي ومصادقة “ترامب” عليها، وهناك 60 مدرسة في قبضة الاحتلال من أصل 210، وهي مدارس بنيت وفق معايير هندسية ومخططات محددة كمدارس واسعة ولها ساحات جيدة، ومع ذلك لا ترتقي لمستوى المدارس في الشطر الغربي من القدس المحتلة عام 48، وتعتبر أفضل من المدارس التاريخية الفلسطينية التي تكون مليئة بالرطوبة وسيئة التهوية والإنارة وبناها التحتية تخلو من مقومات الحياة الرئيسة، وتفتقر للساحات والمساحات لعمل الطابور الصباحي وللترفيه، كما تخلو من الملاعب التي يحتاجها الطلبة لممارسة أنشطتهم المختلفة.
وفي المقابل قام الاحتلال بإغراء الفلسطينيين في القدس الشرقية ببناء مدارس أفضل بكثير من المدارس الفلسطينية لتحقيق هدفه الخبيث، فالمدارس التي يسيطر عليها الاحتلال تضم حوالي 60 % من طلاب القدس، وما زالت القدس تعاني من نقص في الغرف الصفية يصل إلى 2500 غرفة صفية ولا يمكن زيادة غرفة صفية أخرى إلا بمعجزة.
ويشن الاحتلال حربا شرسة على المناهج الدراسية، ويفرض المنهاج الصهيوني بدرجات متفاوتة، ويقدم الإغراءات للمدارس الفلسطينية على تثبيت هذا المنهاج بتقديم الأموال والمساعدات لها، وفرض على المدارس التي تطبق المنهاج الفلسطيني إجراء تغيرات عميقة كثيرة في المنهاج تمس جوهره.
وسعى الاحتلال لاحتلال العقول وتغيير الأفكار عبر المناهج الدراسية للقضاء على الإرادة وفكر المقاومة، ويلاحقون المنهاج الفلسطيني بتهمة التحريض، مع أنه لا يقارن بذلك المنهاج الذي يتم تدريسه في المدارس اليهودية بخاصه المتدينة منها والتي تدعو إلى قتل الفلسطينيين وإبادتهم.
سلطات الاحتلال وفرت في المدارس التابعة لها ما لا يمكن توفيره في المدارس الفلسطينية، فالمعلمون يأخذون ضعف راتب نظرائهم في المدارس الفلسطينية، والمدارس عليها رقابة كبيرة جدا لمنع عقاب الطلبة أو السعي لتطبيق القانون التربوي عليهم، فتطورت هذه المدارس شكلا وتدمرت مضمونا ومحتوى، مما ساهم في تسرب عدد كبير من الطلبة.
وقام الاحتلال لجذب الطلبة إلى المدراس التي تحت سيطرته بعدد من الإغراءات وتقديم الخدمات للطلبة وذويهم كالحصول على بطاقه الهوية وإجراءات السفر من أجل دراسة المنهاج الصهيوني الذي يضع صورة رئيس دولة الاحتلال وبرامجه، بينما تقوم البلدية والمعارف بزيارات متعددة لهذه المدارس لإظهار الاهتمام بها بهدف إنشاء جيل ممسوخ الثقافة الوطنية وممسوح الإرادة والوعي، ثم بتسهيل الطرق للمعاهد والجامعات الاحتلالية بتقديم المنح الكبيرة للطلبة، وأصبح الطلبة يتكلمون اللغة العبرية التي أجادوها منذ الصغر في المدارس، وتعلموا بها في الجامعات ثم حصلوا على الوظائف بفضلها.
وختاما؛ نحن منذ سنوات طويلة نطلق الصرخات لزيادة الدعم للمدارس المقدسية، وللأسف الشديد لا زال الدعم خجولا أمام سخاء دولة الاحتلال، ونجد أن المدارس الفلسطينية تعاني الأمرّين أمام المدارس المناهضة وما تحصل عليه المدارس الفلسطينية لا يعدو كونه فتاتا.
تصنيفات : قضايا و مقالات