زيتاً يسرج في قناديله، د. أنس المصري
مارس 26, 2022
للمشاركة :

بسم الله الرحمن الرحيم

زيتاً يسرج في قناديله

عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ أَرْضُ الْمَنْشَرِ وَالْمَحْشَرِ، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، قَالَتْ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَهُ قَالَ فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيهِ.)

روى الإمام أحمد وابن ماجه  –وإن كان الحديث في سنده مقال إلا أن بعض المتقدمين أخذوا به وأشاروا أن إسناده لا بأس به-

ولنا مع هذا الحديث أربع وقفات في محاولة فهمه والوقوف على ظلاله:

الوقفة الأولى: بيت المقدس حاضرٌ في الوجدان: يتضح من سؤال ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم أن المسجد الأقصى المبارك كان حاضراً في قلوب وعقول ووجدان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، بل كان حاضراً في نفوس الصحابيات الكرام، وسعيهم للوصول إليه والصلاة فيه كذلك، ويبدو أن هذا التعلق والحب لبيت المقدس ناتج عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه عن بيت المقدس وتحبيبهم فيه وفي الصلاة فيه وإتيانه.

الوقفة الثانية:إِيتوه فصلّوا فيه: فهذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم للحث على الصلاة في المسجد الأقصى المبارك والوصول إليه لمن استطاع ذلك، وهي دعوة ممتدة عبر الأزمان والقرون، وتتأكد في زماننا هذا مع حاجة المسجد المبارك للرباط والتواجد الدائم فيه.

الوقفة الثالثة: كأن سؤال ميمونة ” أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَهُ؟” يشير إلى زمان سيأتي على الناس لن يستطيعوا الوصول للمسجد الأقصى المبارك، ولن يستطيع كثير من المسلمين الصلاة فيه والوصول إليه والاعتكاف في رحابه، وهو ما نشهده في زماننا الحالي، فكان التوجيه النبوي بتقديم البديل لمن لم يستطع وصول المسجد الأقصى المبارك.

الوقفة الرابعة: زيت يسرج في قناديله: وهذه لفتة اقتصادية بأن الزيت موطنه الأصلي في الشام، فابعثوا بأموالكم مساندة لأهل بيت المقدس والمرابطين فيه؛ كي يسرجوا المسجد الأقصى المبارك وينيروه، فقد ورد عن بعض الصحابيات الكريمات أنها كانت تبعث إِلى بيت المقدس كل سنة بمال يُشترَى به زيتٌ يُستصبح به في بيت المقدس حتى ماتت، وأوصت بذلك من بعدها[1].. فهي دعوة لمساندة الرباط وتثبيت المرابطين بأي جهد وأي مجال ينصر هؤلاء الثابتين المرابطين ويشد أزرهم.

وختاماً هي دعوة نبوية أن أسرجوا أعمالكم للمسجد الأقصى المبارك.. أسرجوا جهودكم نصرة للمسجد الأقصى المبارك.. أسرجوا الهمم والعزائم نصرة للمسجد الأقصى المبارك وفداءً له.


[1] رواه الواقدي في المغازي

تصنيفات :