الحرية قيمة عظيمة، ومبدأ أصيل تحرر الإنسان، كل الإنسان، وتخلصه من أي قوة تتحكم فيه بغير حق، -سواء أكانت هذه القوة من داخل نفسه كأهوائه وشهواته، أو من خارجها كتحكّم وتسلّط غيره عليه-، وتجعله حرًا يمارس حقوقه وخياراته كما يشاء ضمن حدود معيّنة، ووفق ضوابط الشرع وغاياته.
وحرية الإنسان وعبوديته لخالقه مصطلحان متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، فمن يتقن الوظيفة التي خلق من أجلها يعش حرًا لا يخضع لبشر، وهذا ما يميز نظام الإسلام عن أنظمة الغرب التي تخلو من الجانب التعبدي.
وقد كانت المرأة في الجاهلية مهانة، مظلومة، مسلوبة الحقوق، ليس لها أي قيمة، وعندما جاء الإسلام أعاد لها مكانتها وقيمتها التي خلقها الله عليها، وخلّصها من الظلم الذي كانت تعانيه، وأعطاها حقوقها كاملة، وساواها بالرجل في كثير من الأمور، إلا بعض الاستثناءات التي ترجع إلى طبيعة وخصائص كل منهما. قال تعالى: ” ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف” [البقرة:228].
وكرّمها في مختلف مراحل حياتها؛ بنتًا وزوجةً وأمًا، وأختًا، وأنزل الله تعالى أحكامًا خاصّة بها، وسمّى سورة باسمها، ” سورة النساء” وضربها مثلا في كتابه العزيز للذين آمنوا في قوله تعالى: ” وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون” [التحريم:11]؛ كل ذلك ليعلي من شأنها ويرفع مكانتها.
هذه هي المرأة في نظر الإسلام، هذه هي المرأة التي يبذل الغرب كل جهوده لإفسادها تحت شعارات برّاقة من قبيل الحرية أو العدالة أو المساواة، لأنّهم يدركون تمامًا أنّ أسهل طريق لهدم الإسلام يكون عن طريقها، فنادوا بوجوب تحررها، تحررها من عفتها وطهارتها، تحررها من مصادر عزتها وقوتها وحمايتها، “الزوج والأب والابن والأخ”، فأقنعوها أن لا سلطة لأحد عليها، وأنها لا تحتاج إلى أحد، و يجب أن تستقل بنفسها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، فغدت المرأة عندهم مشردة منهكة تقضي وقتها في العمل لتنفق على نفسها، فتعرضت لشتى أنواع التحرش والعنف الجنسي، ومنهن من تاجرت بعرضها وأصبحت سلعة جنسية وألعوبة بيد الثري الذي يستأجرها ليدفع عنها قسط الجامعة فأصبحت لقمة سائغة يسهل الوصول إليها، فتفككت الأسر وهدمت البيوت وتشرد الأطفال وذاقت المرأة الويلات.
هذه هي المرأة التي يريدون تحريرها والحفاظ على حقها؟! أين حقها وهم ينتهكون عِرضها ويُدنِّسون شرفها؟ ويقتلون طفلها وزوجها؟! هم لم يحرروها وإنّما حرروا ويسّروا سبل الوصول إليها.
إنّ أمتنا اليوم في أشد الحاجة إلى جهود المصلحين والمصلحات والعلماء والدعاة والغيورين؛ ليقفوا جميعًا يدًا واحدة أمام تلك المؤامرات التي تريد بنسائنا الفساد والانحلال، ويجب أن تكون الجهود منظمة وموجهة في اتجاه واحد، وتكون مكافئة لدحر الباطل وهزيمة أهله قال تعالى:” والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” [التوبة:71].
تصنيفات : قضايا و مقالات