عام ميلادي جديد، أ.  نوح عبد الخالق قفيشة
يناير 9, 2023
للمشاركة :

عــام مـيـلادي جـديـد

 أ.  نوح عبد الخالق قفيشة

نَعيشُ في هذِهِ الأيّامِ نِهايَةَ عامٍ ميلادِيٍّ وَنَسْتقبلُ عاماً جَديدًا، وَهكذا تَمُرُّ الأيّام وَتَنْقَضي الشُّهورَ وَالأَعْوام، وهذا يَدْعونا إلى أنْ نُحاسِبَ أَنْفَسَنا قَبْلَ أن نُحاسَبْ، كما جاءَ في قَوْلِهِ تَعالى ( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ ) [الْحَشْرْ:18]. وَمِنَ الْمَعْلوم أَنَّ السَّلفَ الصّالِح َكانوا يُحاسِبونَ أَنْفُسَهُمْ، فَهذا أَميرُ الْمُؤْمِنينَ عُمَر بْنَ الْخَطّابِ يَقول:” حاسِبوا أَنْفٌسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحاسَبوا، وَزِنوا أَنْفَسَكُمْ قَبْلَ أَنْ توزَنوا، فَإنَّهُ أَهْوَن عَلَيْكُمْ في الْحِسابِ غَدًا أَنْ تُحاسِبوا أَنْفُسَكُم الْيَوْم، وَتَزَيَّنوا لِلْعَرْضِ الْأْكبَر ( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَة ) [الْحاقَّة:18) لِذا يَنْبَغي عَلَيْنا اغْتِنامَ الْفُرْصَة التَّي بَيْنَ أَيْدينا كَما قالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:” اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: حَياتَكَ قَبْلَ مَوْتِك، وَصِحَّتِكَ قَبْلَ سَقَمِك، وَفَراغَكَ قَبْلَ شُغْلِك، وَشَبابَكَ قَبْلَ هَرَمِك، وَغِناكَ قَبْلَ فَقْرِك ) أَخْرَجَهُ الْحاكِمْ في الْمُسْتَدْرَك.

 جَديرٌ بِنا وَنَحْنُ نَسْتَقْبِل عاماً جَديدًا، وَنُوَدِّعَ عاماً قَدِ انْقَضى بِخَيرِهِ وَشَرِّه، أَنْ نَدعو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أنْ يجْعَلَ هذا الْعام خَيْرًا مِنْ سَلَفِه، وَأَنْ يَجْعَلَ خَلَفَهُ خَيْرًا مِنْه، فَما مِنْ فَجْرٍ يَبْزُغُ فَجْرُهُ وَيَسْطَعَ ضوؤُهُ إِلاّ وَيُناديك: يا ابْنَ آدَم أَنا يَوْمٌ جَديدٌ، عَلى عَمَلِكَ شَهيد، فاغْتَنِمْ مِنّي بِعَمَلِ الصّالِحات، فَإنّي لا أَعودُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَة، وَما مِنْ لَيْلٍ يُرْخي سُدولَهُ، وَيَنْشُر سُكونَهُ، إِلاّ وَيُناديكَ: يا ابْنَ آدَم أَنا لَيْل جَديد وَعَلى عَمَلِكَ شَهيد، فتَزَوَّدْ مَنّي بِطاعَةِ الرَّحْمن، وَطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّضْوان، فَإِنّي لا أَعودُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَة. 

وَإِذا كُنّا قَدْ نَسينا ما فَعَلْنا، في هذا الْعام مِنْ حَسَناتٍ وَسَيّئاتٍ، فَإِنَّ ربّي لا يَضِّلُّ وَلا يَنْسى، لِذلِكَ فَإِنَّنا مُطالَبونَ أَنْ نَتَّقي اللهَ في أَعْمارِنا ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلْ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرونَ ساعَةً وَلا يَسْتقْدِمون ) [الْأَعْراف:34]. كَما يَجِبُ عَلَيْنا الصُّلْحَ مَعَ الله، وَأَنْ نُكْثِرَ مِنْ أَفْعالِ الْخَير، وَنَنْأى بِأَنْفُسِنا وَأَهْلينا وَمُجْتَمِعَنا عَنْ طَريقِ الشَّر، عَسى أَنْ تُدْرِكَنا رَحْمَةَ الله، إِنَّ الدُّنيا دارَ عَمَلٍ، وَنَحْنُ لَمْ نُخْلَقَ إلا لِلْعَمَلِ الصّالِح والْعِبادَةَ الْحَقَّة، ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لَيَعْبُدون ) [الذّارِيات:56]. وَإِنَّنا إِذْ نَقِف عَلى أَبْوابِ عامٍ جَديدٍ، لَنَتَضَرَّعَ إِلى اللهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى أَنْ يَحْفَظَ شَعْبَنا وَأُمَّتَنا وَأَسْرانا وَأَقْصانا وَمُقَدَساتِنا مِنْ كُلِّ سوءٍ، وَأَنْ يَجْمَعَ شَمْلَنا وَيُوَحِّدَ كَلِمَتَنا، وَنَسْأَلهُ أَنْ يَكونَ الْعامَ الْجَديدَ عامَ خَيْرٍ وَبَرَكَةٍ عَلى شَعْبِنا وَأُمَّتَنا الْعَرَبِيَّةَ وَالْإْسلامِيَّة … اللَّهُمَّ آمين … يا رَبَّ الْعالَمين … وَصَلّى اللهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعينْ. 

تصنيفات :