الصحبة وأثرها في التربية، أ.علي قطناني
يناير 9, 2023
للمشاركة :

الصحبة وأثرها في التربية، أ.علي قطناني

لا يُتَصور أن يعيش آحاد الناس خارج بيئاتهم؛ فالإنسان بطبعه كائن اجتماعي يختلط بأمثاله من الناس وينسجم مع من يشابهه في أخلاقه وتطلعاته وأفكاره وأهدافه. وحيث إن البحث في علاقات الناس مبني على شكل هذا الاختلاط ودرجته، فقد رتب الإسلام أصول هذه العلاقات وبنيانها، واضعا الضوابط الإيمانية والأخلاقية والاجتماعية لها. ولما كانت علاقات الناس تبنى على أساس من الدين والأخلاق فقد وجب إخضاع هذه العلاقات للمعايير المعتبرة شرعا وعرفا، حتى ينضبط الناس في سياقاتها التربوية . ولعل من أولى المباحث التي تندرج في سياق علاقات الناس وأهمها هي صحبة الأبناء وبمن يقترنون كون هذه الصحبة ذات تأثير كبير على أفكارهم وقناعاتهم حيث يشار إلى الصاحب بصاحبه لكثرة المخالطة والمصاحبة التي يحصل بها التأثر بالصفات والسلوكيات أيضا، وقد أشار حبيبنا صلى الله عليه وسلم إلى ذلك موجها ومحذرا حيث قال: “مثَلُ الجليسِ الصالحِ ومثلُ جليسِ السوءِ كحاملِ المسكِ ونافخِ الكيرِ، فحاملُ المسكِ إما أن تبتاعَ منه، وإما أن تجدَ منه ريحًا طيبةً، ونافخُ الكيرِ إما أن يُحرِقَ ثيابَك، وإما أن تجدَ منه ريحًا خبيثةً”. رواه البخاري ومسلم.

إن مما يشار إليه من أدوار الآباء أن عليهم بناء معايير عامة متفق عليها مع الأبناء لاختيار الأبناء لأصحابهم، وتقييم صداقاتهم وفقا لها؛ لأن هذه المعايير توسع المساحة الخاصة بالأبناء، وتحملهم مسؤولية اختياراتهم، وتضمن عدم تمسكهم ببعض الأسماء المفترض رفضها، وتساعد الآباء في التدقيق في علاقات أبنائهم بناء على هذه المعايير دون تشنج من الأبناء.

 إن أهم ما يعزز ثقة أبنائهم بأنفسهم ويقوى شخصياتهم ويبني احترامهم لأنفسهم هو الانتباه لآرائهم وتقدير قراراتهم، ومحاورتهم في اختياراتهم وإتاحة الفرصة لهم للاستفادة من تجاربهم وتقييمها . 

ليس من نافلة القول أن أهم فوائد بناء هذه المعايير بيننا وبين أبنائنا أننا لن نجد أبناءنا يوما ما يرددون نادمين في يوم لا ينفع معه الندم قول الله : “يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا” [الفرقان:29].

تصنيفات :